رضا لاري- ثقافة عامة، ظرفٌ حاضر، وذكرى لا تنسى

المؤلف: عبدالله عمر خياط08.18.2025
رضا لاري- ثقافة عامة، ظرفٌ حاضر، وذكرى لا تنسى

أبو أحمد.. الاسم الذي كان يبهج الأستاذ رضا محمد لاري، صديقي العزيز، عند سماعه أو التحدث به. لقد كان -رحمه الله- قامةً سامقة في ميدان الثقافة العامة، تلك الثقافة التي لا تقاس بالضرورة بالشهادات الرفيعة، بل تتجلى في كل من ينهل من العلم بنهم وشغف. إنه أشبه بمن ينتقي أطايب الطعام من قائمة زاخرة بالألوان والنكهات، فصاحب الثقافة يختار من الكتب والمناهج ما يروق له، ويركز على ما يرضي ذائقته وميوله، سواء من الكتب المتوفرة في المكتبات أو من مواد الدراسة المتنوعة.

في كتاب "رضا لاري.. بين قوسين"، الذي اهتم به وقدم له الأستاذ عثمان جمعان الغامدي، استعرض مسيرة الأستاذ رضا في الحياة، وضمّنه كلمات المحبين التي عبّرت عن أخلاقه الرفيعة، وثقافته الواسعة، وروحه الفكاهية التي كان يضفيها على المجالس العامة والخاصة عند تناوله مختلف المواضيع، سواء الساخنة أو المتعلقة بالشأن العام. لقد كان الأستاذ رضا شخصية محبوبة تجذب إليها القلوب بحسن حديثه وجمال خلقه.

وقد نقرأ على الغلاف الأخير للكتاب العبارات التالية: "لم تكن الشخصية القيادية هي الصفة الوحيدة التي تميز رضا لاري، بل وجد فيه رفاقه صفات عديدة، منها قدرته على تولي زمام الحديث في أي مجلس أو رحلة. كانت شخصيته بكل جوانبها تنعكس على المكان الذي يحل فيه، بما تملكه من بديهة حاضرة، وظرف في كلامه وسلوكه، وتعدد قراءاته وتثقفه. كانت جلساته ممتعة، مليئة بالضحك والبهجة والتجدد، ولا تخلو من المعلومة والمعرفة والحكاية والتحليل."

وفي هذه الذكرى، لا بد لي من الإشارة إلى محبة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز -تغمده الله بواسع رحمته- أمير منطقة المدينة المنورة ثم منطقة مكة المكرمة، الذي كان يسعد بالاستماع إليه في الجلسات الخاصة التي كانت تجمع نخبة من الأصدقاء بعد طعام العشاء في قصره. لقد كان الأستاذ رضا يتمتع بمكانة خاصة لدى الأمير عبدالمجيد، فقد كان يقدر ثقافته الواسعة وفكره المستنير.

المقالات التي اختارها الأستاذ عثمان الغامدي من بين كتابات الأستاذ رضا على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، منذ انتقاله من السلك الدبلوماسي إلى رئاسة تحرير "عكاظ" من خلال عضويته في المؤسسة، أو رئاسة "سعودي جازيت"، والتي كان رئيساً لتحريرها مديراً عاماً لها لفترة، ثم تفرغه للكتابة في الشأن العام، خير دليل على غزارة إنتاجه الفكري. ومثال ذلك ما جاء في كتاب "رضا لاري بين قوسين". رحم الله صديقي العزيز رضا لاري، الذي لم أعرف منه إلا كل خير منذ أن تعرفت عليه في مدريد عندما كان يعمل في القنصلية السعودية بإسبانيا. لقد كان مثالاً للأخلاق الرفيعة والثقافة الواسعة والوطنية الصادقة.

السطر الأخير:

قال الله تعالى في سورة آل عمران: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة